اعذرني ... أبعد غيمتك بلدنا | رشا عبود
كنت
أحلم كأيّ فتاة بالاستقرار والأمان مع شخص أحبّه، ويشبهني بأفكاري وحبي
للحياة، في مجتمع كثر فيه الكره والخيانة، ولكنني لم أبحث عنه أبداً لأنني
مؤمنة بأنّه سيأتـي إليّ مهما طال انتظاري له، مؤمنةً بأنني سألتقي بشخص
يشبهني، لأنّه قدري الذي كتب على جبيني منذ صغري، وحتى قبل أن أراه، وعندما
جاءني شعرت بأنّه الشخص الذي رسمته في خيالي، ليس بمظهره الخارجي ووسامته،
وإنّما بقلبه الأبيض، وأفكاره الحضارية، وبنظرته الجميلة للحياة، كنّا
معاً توأمين رائعين، كان يلبّي لي كلّ ما أريده وما أطلب من هذه الحياة،
جعلني أرى الحياة الجميلة بكلّ ما فيها من سعادة وفرح وأمان، ولكن بعد
إطفائنا شمعتنا الثالثة، اكتشفت الماضي الذي لا أحب أن أذكره أو حتى أن
أتطرق إليه، وقد كان فعلاً ماضياً عنده هو أيضاً، ولكن مجرد الاعتراف به
بعد معرفتي له، ومعرفة ما كان يخفيه عني لثلاث سنوات أصابني بالدهشة
والذهول، أصبحت أذكره في كلّ خلاف رأي بيننا، في أي موقف، في أي كلمة، أصبح
ماضيه غيمة في حياتنا أحتفظ بها في ذهني، ولكنني أعتبر أن المستقبل دون
الماضي المزعج كان سيصبح جنة حقيقية لي في الأرض بكلّ ما فيها من العائلة
والحب والسعادة. أقول لك في هذه المادة التي جعلتني أبوح بما في داخلي وبما
يخصني وحدي دون سواي، وهو «علاقتي بك وخصوصية الاحتفاظ بما بيننا» ولكن
هذه الغيمة الشفافة التي لا ترى، ولا أحبّ أن أراها، ولا أن يراها من
يهمني أمره، مضطرة إلى أن أتطرق ولو إلى شيء بسيط منها فاعذرني.. وحاول أن
تبعد هذه الغيمة عن حياتي وأن تعود إليّ من جديد.