في معرض نزهات «باريس- دمشق» للفنان السوري محمد عصام
الحجار والفرنسي فرنان زاكو، والذي يعرض في إطار الدورة الحادية عشرة
لأيام التصوير الضوئي 2011، لن ترى إلا ماضياً معلقاً في غياب الروح
الباريسية وطغيان الحداثة في تلك المدينة «باريس التي تجملت بالماضي»،
وعلى طرف آخر ترى دمشق تحتفي بالتشابه وانتصار الروح على الحداثة، بالرغم
من بعض الاختلاف... ففي لوحات المصور الضوئي الحجار، وهي رؤية لصروح دمشق
تستند إلى المقارنة، سترى دمشق قد حافظت على تفاصيل تميزها وتشبهها دون
غيرها، ومع بعض التحولات التي عاشتها المدينة لن ترى الحداثة قد شوهت
معالم الطريق المؤدي إليها.
عصام الحجار وهو يجعل صوراً قديمة (تعود
للعام 1840 وحتى منتصف القرن العشرين) تتحاور مع صوره التي التقطها بين
العامين 2003 و2011 وبدقة مثالية، جهد ليتبنى زاوية النظر نفسها الخاصة
بصور الماضي عبر عرض الصور على شكل ثنائيات أراد من خلالها إبراز التحولات
العميقة التي عاشتها مدينة دمشق وهي مدينة ارتفع عدد سكانها ارتفاعاً
كبيراً بين منتصف القرن التاسع عشر وأيامنا هذه.
الصور القديمة منتقاة
من مجموعات المعهد الفرنسي للشرق الأدنى (دمشق)، ومن مجموعات خاصة
للدكتور قتيبة الشهابي وللفنان نفسه، وقد عرض من خلالها سلسلة ضوئية
لمعالم دمشقية منها (جامع السنانية، دار القرآن الصابونية، باب كيسان، سوق
الحميدية، سوق مدحت باشا، الجامع الأموي الكبير، خانق الربوة، والتكية
السليمانية..)
أما
الفنان فرنان زاكو، فقد احتوى معرضه صوراً بانورامية لباريس في الماضي
ركز فيها على المكان الذي فرغ إلا من نفسه، وجاءت صور الحاضر قريبة ومحددة
في زاوية الرؤية لتعنى بالأشخاص وكأنهم فقدوا ارتباطهم بالمكان والبوصلة
المؤدية إليه، وكأنما زاكو أراد من خلالها أن يعترف بحجم الأخطاء الإنسانية
التي نكتشف فيها بالفعل أنه (كلما أراد الإنسان أن يفعل خيراً فعل
شراً).
زاكو الذي عرض صوراً لمعالم باريسية تتمايز بين القرن التاسع
عشر وأيامنا هذه (جسر الفنون، كنيسة المادلين، القصر الكبير، البورصة،
الشوارع الكبيرة، الأكشاك، مونسو،..) أكد في حجم الفروق التي نشأت بفعل
التقانة والحداثة، أنه ما إن حلت مخططات المهندسين محل يد الحرفي حتى فقدت
باريس وبقية العالم شيئاً من روحها.