الدراما السوريّة نجمة الموسم بامتياز

الدراما السوريّة نجمة الموسم بامتياز





يارا صبري ورفيق علي أحمد في «جلسات نسائية»


رغم بيانات التخوين والمقاطعة والأحاديث عن غيابها عن شاشة رمضان، ها هي الدراما السورية تحقّق نصراً وتدخل السباق بقصص مستقاة من نبض الشارع تحكي الفقر والحبّ والمراهقة، وتتطلّع إلى الرومانسية الضائعة

وسام كنعان

رغم الاحتجاجات الشعبية، والخلافات الحادة بين أهل الدراما، وموضة بيانات التخوين، والحديث عن مقاطعة الفضائيات للدراما السورية، ها هي الشام تطلّ بـ25 مسلسلاً هذا العام! رقم يقترب من المعدل السنوي مع تراجع طفيف. لكن بالنظر إلى الأحداث التي تشهدها سوريا، يُعَدّ ذلك نصراً بحد ذاته. وكما اعتدنا، يظل المزاج هذا الموسم اجتماعياً إنسانياً يلامس نبض الشارع بقصص مستقاة من واقعه ويومياته مع تعديلات طفيفة على مجريات المسلسلات في محاولة للحاق بركب الشارع الذي اتفق صنّاع الدراما على أنّه سبق أعمالهم بمراحل عديدة.
معظم المسلسلات الاجتماعيّة ستجد طريقها إلى المشاهد العربي على الفضائيات، ما دامت الدراما السورية ورقةً رابحةً تستقطب نسبة مشاهدة مرتفعة، وتجد سوقاً رائجة للعرض. بداية، سيطل المخرج مروان بركات في خطوة تُعَدّ نقلة نوعية في مشواره؛ إذ يقدّم «السراب» («الفضائية»، «السومرية») عن قصة كتبها الشريكان المتميزان حسن سامي يوسف ونجيب نصير، ويؤدي بطولتها بسام كوسا، وسلافة معمار، ونسرين طافش. يقارب العمل الواقع الدمشقي بطريقة المراقب عن بعد، فيطرح قصص ثلاث شرائح هي: سكان المدينة الأصليون، وسكان العشوائيات وطبقة المترفين الأغنياء، فيما يحضر حسن سامي يوسف أيضاً مع المخرج حاتم علي في «الغفران» (دبي) الذي كتب نصه يوسف عن روايته «رسالة إلى فاطمة». ويطرح المسلسل أكثر من سؤال عن الرومانسية الباقية للمواطن الغارق في مفارقات الحياة اليومية، وانشغالاتها وقسوتها. ويسأل: هل من مساحة للحب الصادق والبسيط والعميق في يومياتنا المثقلة بالهموم؟ انطلاقاً من هذه الإشكالية، يبدأ المسلسل أحداثه حول قصة حب مراهقة بين عزة (سلافة معمار)، وأمجد (باسل خياط). فيما يخرج سيف الدين سبيعي عملين لهذا الموسم أحدهما اجتماعي هو «تعب المشوار» (الفضائيّة السوريّة) الذي يواجه مشاكل تسويقيّة. يتناول العمل الذي كتب نصه فادي قوشقجي حالة «التعب» التي تعتري العلاقات المعاصرة بين أفراد مجتمع أنهكته النكسات والهزائم، فصار يفتقر إلى حلم واضح. وهو المجتمع نفسه الذي تراجعت آماله وأحلامه بالتقدّم والعدالة، لتنحصر في أمور صغيرة، قبل أن يكتشف أن عمره انقضى من دون تحقيق شيء. وتتوزع بطولته بين عباس النوري، وكاريس بشار، وباسم ياخور، وباسل خياط.
وبعد نجاحه في تجربته التلفزيونية الأولى، يعود سامر رضوان بنص جديد هو «الولادة من الخاصرة» (lbc، أبو ظبي الأولى، mbc) تخرجه رشا شربتجي ويؤدي بطولته سلوم حداد، قصي خولي، وسلاف فواخرجي. يطرح العمل الفوارق الطبقية بين نمط حياة الفقير والغني. ويلعب على مجموعة متناقضات تعيشها بعض شخصيات المال والسلطة في سوريا. ثم يغوص في مشكلة العاملين في المجتمع المدني، والأزمات التي تواجههم. أما المثنى صبح، فقد اختار هذا الموسم العودة إلى الدراما بشراكة جديدة مع أمل حنا التي كتبت «جلسات نسائية» (otv اللبنانية، mbc دراما، «س») حيث تبحر في القضايا الاجتماعية القريبة من واقع الشارع. هكذا، سنتابع قصص مجموعة من النساء، هن بطلات العمل، أي يارا صبري، نسرين طافش، ناظلي الرواس، وأمل بوشوشة، إضافة إلى باسم ياخور، سامر المصري، والممثل اللبناني رفيق علي أحمد. من خلال قصص أولئك النساء، نتعرّف إلى علاقة الأنثى بالرجل الحاضر بقوة في المسلسل عبر دخول عالم المرأة وحياتها العاطفية والاجتماعية. كذلك، يحاول السيناريو تفسير أسباب الفشل والنجاح في العلاقة بين المرأة والرجل، والغوص في التناقضات التي تواجه كل العلاقات العاطفيّة. ويعود أيمن زيدان إلى مشروع كان على وشك إنجازه عندما أقفلت السلطات «شركة الشام الدولية للإنتاج السينمائي والتلفزيوني». هذه المرة، يعود زيدان مخرجاً مع الكاتب حسن م. يوسف و«المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني» عبر قصة اجتماعية تاريخية تحكي عن معاناة السجناء السوريين في معتقلات الاحتلال الفرنسي: «ملح الحياة» (nbn، «سورية دراما»، «الفضائيّة السوريّة») يدور في دمشق بين عامي 1946 و1958، ويسلط الضوء على مرحلة خاصة من تاريخ سوريا عبر مجموعةٍ من الحكايات.
كذلك تنتج المؤسسة «سوق الورق» (سورية دراما) للكاتبة آراء الجرماني، والمخرج أحمد إبراهيم أحمد، مع مرح جبر، باسل خياط ومحمد حداقي. يدخل العمل في كواليس الجامعة ويحكي عن حياتها، وتحديداً الشباب الجامعي السوري من خلال مجموعة من الطلاب والعلاقات التي تربطهم، ويغوص في عالم الإدارة الجامعية وفسادها، إضافةً إلى إضاءته على دور الإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة في حياة هؤلاء الطلاب، إضافةً إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي تحظى بإقبال كبير في سوريا.
أما المخرج عبد الغني بلاط، فيعود إلى الساحة عبر مسلسل «المنعطف» (التلفزيون السوري) الذي يتحدث عن الفساد الإداري في حلب، وتحديداً في مؤسسة البلدية من خلال تواطؤ مسؤولين في البلدية على هدم مبنى قديم وتاريخي جميل لمصلحة المفسدين. علماً بأنّ المسلسل من بطولة باسم ياخور، سليم صبري، عمر حجو، نادين سلامة، مرح جبر ومي سكاف. فيما يغوص المخرج تامر إسحاق عبر «العشق الحرام» («الجديد»، «إنفنتي»، «التلفزيون السوري») في خبايا العلاقات العاطفية «المحرمة» ويقترب من الخطوط الحمراء في المجتمع ضمن رؤية درامية لا تخلو من الجرأة. العمل الذي ألّفه تامر إسحاق وبشار بطرس، يؤدي بطولته قصي خولي، وباسل خياط وعباس النوري.
وأخيراً، يقدّم المخرج الإشكالي نجدت أنزور عملين: الأول «شيفون» («فلسطين») للكاتبة هالة دياب. يحاول المسلسل اقتحام المحظور والتركيز على مشاكل المجتمع وأمراضه، وخصوصاً مشاكل المراهقين من خلال شخصية الكينغ (مصطفى الخاني) الذي يروّج المخدرات بين طلاب المدرسة. أما المسلسل الثاني فهو «في حضرة الغياب» («الجديد»، «السومريّة»، «نايل دراما»، «الجديد») الذي يتناول سيرة محمود درويش، ويؤدي بطولته فراس إبراهيم وسلاف فواخرجي. ومع أنّ المسلسل يتناول سيرة «شاعر الأرض»، إلا أنّه واجه الكثير من المشاكل في التسويق.

---

مقاطعة وهميّة؟

مع انطلاق حركة الاحتجاج الشعبيّة في سوريا، أعرب بعض صنّاع الدراما السوريين عن مخاوفهم من أن تعمد الفضائيات العربية الى مقاطعة مسلسلاتهم بسبب موقفهم من النظام. وفي الوقت ذاته، أصدر نجدت أنزور بياناً أكد فيه أنّ مسلسله «في حضرة الغياب» يتعرّض لحصار بسبب وجود قرار عربي غير معلن يقضي بمقاطعة الدراما السورية (الرسميّة). لكن سرعان ما تبيّن أن أنزور حذّر من مقاطعة غير موجودة أصلاً. ما حدث أنّ بعض المحطات العربية استغلت الظروف للتلميح بأنّ هناك مقاطعة للدراما السورية، ما مكّنها من شراء المسلسلات بمبالغ زهيدة. كذلك ظلّ مسلسلا «سوق الورق» و«ملح الحياة» اللذان أنتجهما القطاع العام حبيسي المحطات السورية لضعف عملية التسويق لدى هذا القطاع.