كيف يتقبل الطفل غياب أهله عنه أثناء وجودهم في العمل؟

كثرت في عصرنا الحالي نسبة الأسر التي تعتمد في دخلها الشهري على عمل كلا الطرفين في الشراكة الزوجية.
وباتت المرأة تشارك الرجل في العمل وتنافسه أيضاً في المجال الذي كان في الماضي حكراً له وحده.
ولكن
عندما يخرج الأب والأم إلى العمل مع بداية اليوم، كيف يمكن أن يتأقلم
الطفل مع فكرة بقائه «لوحده» في المنزل والتأقلم بشكل خاص مع الشخص
«الغريب»، أي المربية، التي ستجلس معه إلى حين عودة الأهل من العمل؟.

كانت الأم في الماضي أي قبل حوالي عقدين أو أكثر من الزمن هي «المربية» الأساسية لأولادها في المنزل.
إذ
كان وقت الأم كله ملكاً لأولادها وعائلتها فقط، حيث كانت تسعى فقط لتربية
الأولاد والاعتناء بالأسرة ولم تكن هذه المهمة من المهمات السهلة والبسيطة.
والآن
أضيف إلى جانب هذه المهمة، مهمة أخرى لا تقل صعوبة أو أهمية وهي الخروج
إلى سوق العمل؛ ولكن ماذا عن الطفل الذي سيترك لوحده في المنزل لفترة قد لا
تكون قصيرة أبداً؟.
قد لا يكون الحل في هذه الحالة سوى الاعتماد على خدمات المربية التي يمكن أن تخفف قلق الأهل حيال الطفل وضعه وحالته في المنزل.
إلا
أنه لا يكون من السهل على الطفل تفهم هذا الإجراء الذي اتخذه الأهل ومن
الطبيعي أن يعاني من حالات القلق والخوف من الفراق عن أهله.
وبالتالي
ووفقاً للخبيرة باتريسيا دايز، فإن الطفل يلجأ إلى البكاء في كل مرة تقول
له وداعاً وتتركه؛ ويبين تصرفه هذا أنه متعلق عاطفياً بك.
كما أن رؤيتك لطفلك الباكي في كل مرة تغادر للعمل، يمكن أن تكون مزعجة ومحبطة ومنهكة أيضاً.
ولكن كيف يمكن أن تساعد طفلك على التأقلم مع فكرة ذهابك إلى العمل وجلوسه مع المربية؟.

تحدث إلى طفلك واشرح له لماذا عليك تركه
من غير المنطقي أن تنظر إلى طفلك على أنه غير قادر على فهمك أبداً وغير قادر على فهم ظروف وأسباب تركه في المنزل لوحده.
ولذلك من الضروري أن تتحدث معه وتخبره لماذا عليك أن تتركه.
ولا
تستغرب أن يكون بكاء طفلك في كل مرة تقول له وداعاً وتغادر فيها المنزل
كونه لا يعرف تماماً إلى أين أنت متوجه وإن كنت ستعود أم لا.
وبالتالي، فإنه من الأفضل أن تشرح له أنك مضطر للتوجه إلى العمل وأنك من المؤكد أن تعود في وقت معين خلال النهار.
وعوضاً
عن تحويل فترة الصباح قبل توجهك إلى العمل إلى فترة من الوداع والبكاء،
ركز على فكرة أنك ستعود ويمكن هنا أن تقول لطفلك «سأراك على الغداء انتبه
لنفسك».
وفي هذه الحالة، فإن طفلك يمكن أن يهدأ وبشكل ملحوظ كونه يبدأ
بادراك إلى أين تذهب والسبب في ذهابك وأنك ستعود ولن تتركه لوحده «إلى
الأبد» كما يمكن أن يخطر في باله.
ولكن من الضروري أن لا تركز على فكرة أن عائلتك «فقيرة» وأنكم بحاجة إلى المال وإلا ستموتون جوعاً.
بل
إلى جانب المال الذي تحققه الوظيفة يمكن أن تؤكد له على أن العمل هو أمر
أساسي في الحياة وأن كل شخص يجب أن يكون عضواً فعالاً في المجتمع قادراً
على خدمته والتعبير عن ذاته.
وتأكد أن طفلك قادر على فهمك ويمكن أن تسأله عن الوظيفة أو الدور الذي سيلعبه في المستقبل عندما يكبر.

أعلم طفلك بأنك ستذهب قبل فترة ولا تذهب فجأة
عند مجيء المربية للجلوس مع طفلك أثناء غيابك لا ترحل فجأة عنه.
إذ إنه من الخطأ أن تعتاد على مغادرة المنزل مع قدوم المربية مباشرة فلا تتخيل أنه لا يوجد خيار آخر أمامك سوى المغادرة فوراً.
وتقول
الخبيرة دايز، إن الطفل يمكن أن يشعر بمزبد من التوتر والقلق في هذه
الحالة، كما يمكن أن ينتابه حتى الشعور بأنه غير مرغوب فيه وأنه غير محبوب.
ويمكن أن يستغرب الطفل لماذا تتركه فجأة دائماً وترحل مع قدوم المربية.
كما أن الطفل قادر على أن يشعر بأنك متوتر ويمكن لتوترك هذا أن ينتقل بسهولة إلى طفلك.
ولذلك يكون من الأفضل أن لا تعتاد على المغادرة فوراً مع قدوم المربية.
ويمكن أن تجلس مع طفلك قليلاً بعد قدوم المربية والتحدث إليه ومن ثم تغادر المنزل.
إلى ذلك أكد لطفلك أنك تثق بالمربية، حيث إن جلوسكما معاً يعزز هذه الفكرة ويؤكد له أنه سيكون على ما يرام برفقتها.

لا تماطل في المغادرة
لا
تقصد الخبيرة دايز عند التأكيد على عدم مغادرتك فجأة مع قدوم المربية، أن
تماطل في مغادرة المنزل، بل على العكس إنه يكون من الضروري أن تكون مغادرتك
المنزل مباشرة من دون أن يشعر الطفل بأنك متردد.
إذ إن الطفل قادر على الشعور بأنك متردد في المغادرة وتركه لوحده مع المربية وبالتالي يميل إلى البكاء أكثر.
وهنا
يمكن أن تعطي طفلك قبلة وتعده بأنك ستراه لاحقاً خلال اليوم على الغداء أو
العشاء على سبيل المثال وتكون حازماً في كلامك وتغادر من دون مماطلة ومن
دون أن تعطي طفلك الشعور بالتردد.
كما أنه من الضروري أن لا تتوجه إلى
الباب الرئيسي للمنزل ومن ثم تعود إليه وتذهب ومن ثم تعود وترجع إليه عندما
يبدأ بالبكاء والصراخ.
ويعتبر هذا التصرف من بين التصرفات السلبية والتي يمكن أن تؤثر سلباً في الطفل وفيك أنت أيضاً.
وتذكر أن طفلك يقوم بهذه التصرفات ليحصل على اهتمامك وبمجرد ذهابك، فإن سلوكه هذا سيتوقف.

أعطه مهمة ينشغل بها
قبل أن تتوجه إلى العمل، تأكد من أن لطفلك مهمات معينة عليه القيام بها.
وهنا يمكن للطفل أن يلون أو يرسم على سبيل المثال أو يقوم بأي «وظيفة» تتناسب مع سنه وذلك بإشراف المربية.
ويمكن للطفل أن يقوم بأي شيء يعزز الجانب الإبداعي لديه عندما تكون أنت في العمل.
وتقول الخبيرة دايز، إن إعطاء مهمة للطفل تساعده على الاقتناع بأنك سترجع لترى ما أنجز.