سيريانيوز التقت كاتبة العمل الاجتماعي "سوق الورق" التي تحدثت في جل تفاصيل العمل وخلفياته:
*ما فحوى التهديد الذي تعرضت له من قبل إدارة الجامعة؟ كما صرحت أن جامعة دمشق تهاجمك كونك طالبة دكتوراة في قسم الأدب العربي؟
قبل أن يصدر تصريح الجامعة الرسمي في بعض الصحف، وهو ما يؤكد أن الجامعة لامتني فعلاً على كتابتي المسلسل وذلك بالحديث لي صراحةً في كلية الآداب بداية بعد أن ذهبت أستفسر منهم عن سبب ربطهم بين كوني كاتبة المسلسل (سوق الورق) وبين كوني طالبة، فأبدوا استياءهم من كوني طالبة تسيء للجامعة التي تدرس بها وقالوا لي اتركي الجامعة ولا تأخذي منها الدكتوراة ما دامت مكاناً فاسداً بحسب المسلسل. وصرحوا لي بحضور عدة أساتذة جامعيين بأنهم قاموا بجمع تواقيع أعضاء مجلس الكلية السابق أي في 78 2011م، ليرفعوها إلى رئاسة الجامعة يطالبون بمحاسبتي وإيقاف المسلسل.وتزامن الأمر في أثناء انعقاد المجلس ذاته بقرار التريث بشأن مناقشتي للدكتوراة بحجج غير مقنعة. وعندما سألت عن سبب التريث قالوا إن لجنة تحكيم الرسالة التي وضعت سابقاً، غير مطابقة لتخصصي وأنهم يريدون مزيداً من الخبرات، فأجبتهم أن إجراءاتهم إن كان وراءها سبب منهجي فقط فلا مشكلة أما الربط بين رسالتي والمسلسل ففيه ظلم جائر ولن أقبل به. وفي اليوم التالي ذهبت أسأل نقيب المعلمين عن حقيقة ما سمعت من كونهم أيضاً رفعوا ضدي خطاباً لرئيس الجامعة فأجاب بنعم، علماً أن ردود المسؤولين بالجامعة تباينت فبعضها تفهم ضرورة الفصل بين المسلسل ورسالة الدكتوراة وآخر رأى أنه لن يردعه أي شيء في معاقبتي وفصلي.
*بعد مطالبة جامعة دمشق بإيقاف العمل، اليوم ترد عليك بأن "سوق الورق"مسلسل يثير الفتنة والشك، وكاتبته تستبق المساءلة بالتجييش الإعلامي، فما ردك"؟
أنا لم أجيش الإعلام والعالم تغيرت طبيعته فلم يعد باستطاعة المرء إخفاء ما يحصل معه، فيكفي أن تكتبي على الفيس بوك خاطرة حتى تجدي الردود، فما بالك بأمر يتحدث عن مسلسل يعرض وله معجبوه، والصحافة هنا دورها الإضاءة على موضع الشك والظلم وإظهار الحقائق على الملأ.. وتم الاتصال بي من أكثر من صحفي وهم أقلام نظيفة ومعروفة وجرائد حكومية ولا يمكن اتهامها بالتجييش لأنه أمر جائر بحق سمعتهم وصحافتهم. ولكنني تحدثت لهم بما حصل معي بعد اتصالاتهم، وبتحركاتي داخل الجامعة ومطالبتي بعدم الخلط بين كوني طالبة وكوني كاتبة. وهذا ما أغضب الكثير من الصحفيين؛ فكيف تُعاتَبُ أو تلامُ الدراما على تناولها لموضوع ما، من مكان هو الجامعة الذي يفترض بها تقدير الفن ورسالته في النقد، كما أن الدراما تخضع للرقابة والقراءة، فلمَ التحامل على الكاتبة.
*قلت في تصريحات صحفية أن ما يدور في سيناريو العمل ما هو إلا جامعة تخيلية، فلماذا تم تم تصوير مشاهد العمل في جامعة الأداب بدمشق وتحديداً اختصاص الأدب الانكليزي؟
نعم إن العمل لم يخص جامعة محددة، ولم أتوقع أن التصوير سيأخذ صورة اللافتة (لجامعة الآداب بدمشق) وهذا يعود للمخرج وما هي رؤيته الإخراجية الخاصة به. أما اتخاذ الأدب الإنكليزي مسرحاً للأحداث فليس الهدف الاختصاص ولو أن النص تناول أي قسم لكان السؤال ذاته طرق.!
*كون العمل منتجاً من قبل مؤسسة الإنتاج التلفزيوني، فهل طاله مقص الرقابة في بعض مشاهده؟
اطلعت على فكرة العمل مديرة المؤسسة آنذاك السيدة ديانا جبور في تشرين الثاني 2010م، وأحالت منه ثلاث حلقات لقارئ في المؤسسة وصفته (بالبروفيشنال) وأنه صاحب باع طويل في القراءة وتحكيم النصوص، فأبدى إعجابه بفكرة النص وبالحوار وسلاسته وقدرة النص على الجذب وطلب بعض المطالب التي تخص تفعيل الصراع الدرامي فعدلت في النص وأخذت النص كاملاً للمؤسسة، وتمت الموافقة من قبله ومن ثم إحالته إلى قارئ ثان وكانت لديه أيضاً ملاحظات ولكن أهمها الحديث عن أهمية النص النابعة من جدة الفكرة والتطرق لمشاكل الشباب، أما الرقابة فقد كانت تهدف لتحسين النص، وليس تشويهه.
*برأيك إذا لم يضع الكاتب يده على مواطن الفساد في مجتمعاتنا، كيف نسعى إلى الحل؟
الكاتب لا يشكل إلا رؤية فنية للواقع ومشاكله، يحاول عرض ما يراه ورؤيته في إيجاد الحل وهو ما يقاطع بين الدراما والأدب وأقصد السرد بأنواعه، ولكن يبقى الدور الأكبر يقع على أبناء الوطن بأكمله وبكل خلاياه البشرية والأسرية والمؤسساتية الحكومية والخاصة... وهذا يتطلب حالة من الوعي للتفريق بين الدراما والواقع وعدم انتظار الحل من الدراما أو تحميل الدراما اللوم إن لامست وجعاً من الواقع وأضافت إليه من فضاءات الخيال والتخييل، حسبُ الدراما التنبيه والإشارة.
*أين وصلت رسالة الدكتوراة التي تسعين إلى تحضيرها؟
الرسالة انتهيت من تحضيرها، وقدمتها إلى مجلس القسم وتم اختيار لجنة التحكيم المناسبة لاختصاصي (النقد السيميائي للرواية العربية) وذلك بحضور مشرفتي على الرسالة (أ. د.ماجدة حمود( رفعت اللجنة إلى مجلس كلية الآداب ليتم اتخاذ قرار بها ورفعها إلى الجامعة في إجراء إداري عادة ما يكون إجراء مألوفاً، ولكن المسلسل كان قد عرضت منه حلقاته الأولى وعرف عن طريق أحد ما أن الرسالة المقدمة لمجلس الكلية هي ذاتها للكاتبة فتم الحديث في ذلك أثناء انعقاد المجلس بحسب الأساتذة الأعضاء، وإدانتي بصفتي طالبة، والتوقيع على احتجاج يطالب بمعاقبتي، وهنا تم إيقاف الرسالة للتريث، ومن ثم عقد في يوم الأربعاء التالي10- 8-2011م، مجلساً استثنائيا لقسم اللغة العربية علمت به قبل انعقاده وتوقعت أن هناك أمراً يخصني علماً أن رسالتي خرجت من القسم موافق عليها وعلى لجنتها، ولكن بالفعل أعيدت إلى مجلس القسم لتشكيل لجنة لأن اللجنة السابقة وضعها القسم ذاته غير ملائمة لاختصاصي وهو أمر لم يحدث من قبل، وتمت مناقشة أمر لجنة التحكيم في القسم إضافة للمسلسل وهذا ما جاء على ألسنة أعضاء مجلس القسم أيضاً. *كلمة أخيرة؟
كنت أنتظر رداً مختلفاً لما وجدته من الجامعة (ومن لف لفها) يعبر عن رؤية واسعة تقدر ما يطال العالم من متغيرات، ويقوم بالرد وفقاً لذلك بسعة الصدر والمحبة لهذا الوطن وأبنائه، واحتوائهم من خلال معاملتي باعتباري طالبة تدرس في أروقتها، أن تشجعني باعتباري لست إلا مفرزاً من مفرزاتها، وباعتبار كتابتي للدراما ومحاولة تسليط الضوء على الفساد هو أحد اهتمامات الجامعة وإدارتها, وأن يكون ردها لي لطيفاً وكريما يدل على حالة علمية ومعرفية تتناسب والصرح الأكاديمي الذي يجلسون فيه!.
كلمتي الوفية هي لهذا البلد الذي أحبه وأخاف عليه وأغار عليه عندما أرى بلاداً أخرى تتباهى ببناها الاجتماعية أو التعليمية أو المؤسساتية، فأحاول أن أقدم له شيئاً عندما أستطيع، وقد حاولت ذلك عندما أتاحت لي الفرصة أن أعمل في جريدة تشرين، وأن أكتب تحقيقات صحفية عن بعض الظواهر وتقويمها، كما أن نصي هذا يتناسب مع دراستي في النقد التي طورتْ مهاراتي النقدية ووسعتها لتشمل مجالات الحياة، لا سيما أن أساس النقد السيميائي فلسفي وفكري يمكن له أن يتناول كل مفردات العالم ويؤولها بوصفها علامات دالة.
أشعر بالأسى للتفسيرات المغلوطة التي أطلقتها بعض مفاصل الجامعة الإدارية، وقد فسرت ماقمت به على غير ماأردت.